2008/08/12


من قصص الحيوان فى القرآن
غراب ابنى آدم
قال تعالى: " فبعث الله غرابا يبحث فى الارض ليريه كيف يوارى سوأة أخيه ,
قال: يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارى سوأة أخى " ا
الحديث على لسان غراب ابنى آدم
كنت شاهد الاثبات الوحيد فى اول جريمة قتل ترتكب على الارض
شاهدت اول دم انسانى يسفك غدرا وكنت اعرف ان الله سبحانه وتعالى
يسمع ويرى ويشهد
اعرف ان الشيطان السبب
ما اغرب تصرفات الشيطان وما اسهل انقياد ابناء ادم له
يحب الله الناس ويعصونه ويكرهون الشيطان ويطيعونه
ما اغرب هذا النوع المسمى بالانسان وما افدح تناقضاته
وما اعظم حلم الله عليه ورحمته به
كانت الارض سلاما عظيما قبل هبوط الانسان فوقها
كان بكاء ادم وحواء على الارض مشهدا مؤثرا للغاية
عرفت من صوت الدموع قدر الذنب ومعنى العصيان وصدق التوبة
كانت دعوتهما معا لله " ربنا ظلمنا انفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " ا
وضعت حواء اول بطن لها وكانت تضع فى البطن الواحد ولدا وبنتا
وفى البطن الثانى ولدا وبنتا
وكان ولد البطن الاول يحل له بنت البطن الثانية
ولدت حواء قابيل واخته اقليما
وولدت هابيل واخته ليوثا
كبر الاخوة معا
كان احد الاخوين رقيقا كزنابق الحقل ويبدو الثانى قاسيا كشوك الجبال
كان قابيل لايشبه هابيل
وكانت اقليما شقيقة قابيل لاتشبه ليوثا شقيقة هابيل
كان قابيل اقسى من هابيل
وكانت ليوثا اقل جمالا من اقليما
وكان المفروض ان يتزوج هابيل من اقليما ويتزوج قابيل من ليوثا
صرخ قابيل (وقد كان الشيطان يقف وراء كلماته) انا خيرا من هابيل لن اتزوج ليوثا ساتزوج اقليما
كانت معى فى بطن واحدة وانا اولى بها
افهمه آدم ان اخته لا تحل له ورفض قابيل ان يتزحزح عن موقفه
قال آدم لابنيه : ليقرب كل منكما قربانا الى الله ومن يتقبل الله منه قربانه
كان على الحق وتنحى آدم عن الفصل بينهما وترك ذلك للسماء
جاء هابيل يحمل اسمن كباشه ووضعه على الجبل وصلى لله تعالى ان يتقبل
وجاء قابيل بقمح لم يزل اخضر فى سنابله لم ينضج بعد وقدم قربانه ومضى
لم اكن اعرف كيف يتقبل اللع تعالى القربان
وقف الشقيقان بعيدا
هبطت من السماء نار اكلت قربان هابيل اشارة الى القبول وصرخ هابيل وحمد الله وصرخ قابيل وفكر فى القتل
ويصرخ قابيل لاقتلنك
قال هابيل لقابيل ان الله يتقبل من المتقين
عاد قابيل يتمتم ساقتلك
رد هابيل "لئن بسطت الى يدك لتقتلنى ما انا بباسط يدى اليك لاقتلك ....انى اخاف الله رب العالمين ... انى اريد ان تبوء بإثمى وإثمك فتكون من اصحاب النار وذلك جزاء الظالمين " ا
انصرف هابيل مع زوجته اقليما .. تزوجا وعاشا اياما وقد ظهرت عليها اعراض الحمل فى نفس الوقت كانت نفس قابيل طوعت له قتل اخيه
استلقى هابيل على الارض بعد عمل يوم شاق واستغرق فى النعاس
انحدرت الشمس نحو الغرب
وكان قد مات حمار فى الغابة فاكلت السباع لحمه واكلت النسور ماتبقى منه وشربت الارض دمه وبقى فكه العظمى ملقى على الارض
حمل قابيل اول سلاح فى الارض وراح يمضى باحثا عن شقيقه ووجده نائما
استيقظ هابيل من نومه وفتح عينيه
ارتفعت يد قابيل بالفك العظمى وهوت بسرعة
انبثق الدم من وجه هابيل وملأ صدر قابيل
عادت اليد الاثمة تهوى على الوجه الطيب وفى الضربة الخامسة
ارتطمت يد قابيل بطين الحقل
سكنت حركة هابيل وايقن قابيل ان اخاه قد مات
جلس واجما امام ضحيته لا يعرف ماذا يفعل به ولا يعرف كيف يتصرف
وكان لنا معشر الغربان قوانيننا الخاصة بنا حين يغتصب احد الغربان عش الاخر او يتعدى على طعامه او يحاول اغتصاب انثى غراب آخر فيتم الاقتصاص منه وقد كان بيننا غراب ادناه وحكم عليه بالقتل ونفذ فيه الحكم
وقد وكلت بان احمله لدفنه فى مكان بعيد
لم اكن انوى وانا احمل الغراب القتيل بمنقارى ان اتجه نحو قابيل
لكن امر جليل يعلو على ادراكى ويوجه اجنحتى امرنى به احد الملائكة الكرام
ايها الغراب .. ان الله تبارك وتعالى يبعثك لترى ابن ادم كيف يوارى سوأة اخيه
هبطت على الفور بحملى امام قابيل
ووضعت الغراب الميت امامى ورحت احفر الارض
حفرت الارض بمخالبى ومنقارى
ساويت اجنحة الغراب الميت الى جواره
رفعته بمنقارى فى لحده
صرخت صرختين قصيرتين ثم هلت التراب عليه
بعدها نظرت لابن ادم
وبعدها طرت فى الهواء
سمعت وانا اطير مبتعدا فى السماء
قول قابيل :" يا ويلتا اعجزت ان اكون مثل الغراب فأوارى سوأة اخى" وكانت صرخة تحترق بالندم
اكانت صرخى ندم لانه جهل كيف يدفن اخيه؟
اكان نادما لانه قتله بغير حق؟
لا اعرف
كل ما اردت ان اعرفه هو حال زوجة هابيل
ملانى السلام حين عرفت انها تنتظر الوضع
اردت ان اطمئن على الجنس البشرى واتاكد انه ينحدر من صلب رجل كريم يخاف الله
اعرف ان ابناء قابيل القاتل سيملأون الارض
واعرف ان الصراع لن يتوقف بينهم وبين ابناء الشهيد الطيب
وربما تكررت مأساة الاب مع الابناء
اعرف هذا كله واجهل الحكمة من وراء هذا كله
ليست وظيفتى المعرفة
شاهدا كنت على ابن ادم
واستاذا له لحظة من الزمن
لكن مهمتى ليست هى المعرفة
غراب ابنى ادم
من كتاب قصص الحيوان فى القرآن
أحمد بهجت

ليست هناك تعليقات: